9 طرق ذكية للحفاظ على الهدوء

لقد كنت طيلة العقد الماضي أعدِّلُ تدريجياً ميولي للغضب ولمجادلة الناس عندما لا يتوافق سلوكهم مع توقعاتي؛ فنحن بصفتنا بشراً، لدينا جميعاً فكرة في أذهاننا عن كيفية حدوث الأشياء، وللأسف هذه الفكرة هي أكثر ما يفسد علاقاتنا؛ إذ نشعر جميعاً بالإحباط عندما لا تسير الأمور بالطريقة التي نتوقعها، ولا يتصرف الناس كما يُتوقَّع منهم.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتبة "آنجل كرنوف" (ANGEL Chernoff)، وتُحدِّثنا فيه عن 9 طرائق ذكية للحفاظ على الهدوء.

نحن نتوقع أن يتصرَّف أزواجنا وأطفالنا بطريقة معينة، وأن يكون أصدقاؤنا لطفاء ومقبولين، وأن يكون الغرباء أقل إزعاجاً، وهكذا دواليك، لكن عندما نواجه الواقع، ويبدو أنَّ الجميع يفعلون نقيض ما نريدهم أن يفعلوه، فنبالغ في رد فعلنا كالغضب والإحباط والتوتر والجدالات والبكاء وما إلى ذلك؛ إذاً ما الذي يمكننا القيام به حيال ذلك؟

التنفس:

لا يمكنك التحكم بسلوك الآخرين، ولا يمكنك التحكم بكلِّ ما يحدث لك، ما يمكنك التحكم به هو كيفية الرد على كلِّ شيء؛ قوتك تكمن في ردك؛ فعندما تشعر بالغضب الشديد، خذ نفساً عميقاً طويلاً؛ إذ يُخلصنا التنفس العميق من التوتر، ويهدئ استجابة الكر أو الفر، ويسمح لنا بتهدئة أعصابنا؛ لذلك نختار ردوداً مدروسة وبنَّاءة، بصرف النظر عن الموقف؛ لذلك على سبيل المثال، ابذل قصارى جهدك للتوقف لحظة والشهيق والزفير في المرة القادمة التي يتجاوزك فيها سائق آخر.

في استطلاع حديث أجريناه مع 1200 متدرب جديد في الدورة التدريبية، كان رد الفعل المبالغ فيه في أثناء زحمة المرور هو السبب الأكثر شيوعاً للمبالغة في رد الفعل يومياً، تخيَّل لو أنَّ جميع السائقين على الطريق أخذوا نفساً عميقاً قبل أن يقوموا بإيماءات بذيئة أو يصرخون بألفاظ بذيئة على الآخرين.

لا شك أنَّنا نغضب كثيراً عندما لا نحصل على ما نتوقعه من الناس، خاصة عندما يتصرفون بوقاحة وإزعاج، لكن محاولة تغيير ما هو غير قابل للتغيير، ورغبتنا في أن يكون الآخرون بالضبط بالطريقة التي نريدهم أن يكونوا عليها، لا تنجح، ومع ذلك، فإنَّ البديل لا يمكن تصوره لمعظمنا؛ وهو التنفس والتغاضي وقبول الناس حتى عندما يزعجوننا.

هذه هي الطريقة التي كنت أنميها:

  1. التنفس بعمق وبكثرة.
  2. تذكير نفسي بأنَّني لا أستطيع التحكم بالآخرين.
  3. تذكير نفسي بأنَّ الآخرين يمكنهم التعامل مع حياتهم كيفما شاؤوا.
  4. عدم أخذ سلوكهم على محمل شخصي.
  5. رؤية الخير في الناس.
  6. التخلي عن المُثُل والتوقعات التي لدي عن الآخرين، والتي تسبب إحباطاً وجدالاً ونوبات من الغضب لا داعي لها.
  7. تذكُّر أنَّه عندما يكون الآخرون مزعجين، فإنَّهم غالباً ما يمرون بوقت عصيب لا علم لي به؛ وعليَّ منحهم التعاطف والحب والحرية.

العيش بهذه الطريقة يتطلب الممارسة، لكنَّ الأمر يستحق ذلك؛ إنَّه يجعلني أقل إحباطاً، ويساعدني على أن أكون أكثر وعياً، ويحسِّن علاقاتي، ويقلل من توتري، ويسمح لي بجعل العالم مكاناً أكثر هدوءاً إلى حدٍّ ما.

شاهد بالفيديو: كيف يحافظ الناجحون على هدوئهم؟

9 طرائق ذكية للحفاظ على الهدوء:

إذا كنت مستعداً للشعور بمزيد من السلام وتقليل القلق الداخلي، فإليك بعض الطرائق التي تعلمت فيها أن أبقى هادئة، حتى عندما يبدو أنَّ مَن حولي لا يستطيعون السيطرة على أنفسهم، تعزز هذه الطرائق النقاط المذكورة أعلاه، وعندما تمارسها باستمرار، يصبح التعامل مع العالم بداخلك ومن حولك أسهل كثيراً.

إليك فيما يأتي هذه الطرائق الـ 9:

1. التأني:

لا تتوقع الأسوأ عندما تواجه مشكلة بسيطة؛ فعندما يتصرف شخص ما تصرُّفاً غير عقلاني، لا تنضم إليه من خلال التسرع في إصدار حكم سلبي، بدلاً من ذلك، تمهل وخذ نفساً عميقاً، فأحياناً يتصرف الأشخاص الطيبون تصرُّفاً سيئاً تحت الضغط، وعندما تتمهل، تفسح لنفسك المجال لتجميع أفكارك، وتتيح للشخص الآخر المجال لأخذ نفس عميق معك؛ ففي معظم الحالات، كل ما نحتاج إليه هو الوقت وبعض الحرية.

2. احترام اختلافات الناس:

تعلَّم احترام آراء الآخرين، فعندما يفعل شخص ما شيئاً ما بطريقة مختلفة فهذا لا يجعله شيئاً خاطئاً، فتوجد طرائق مؤدية إلى ما هو صحيح في هذا العالم، لكلِّ فرد الحق في التعبير عن رأيه الخاص؛ لذا اختر معاركك بحكمة، وتقبَّل الاختلاف في بعض الأحيان، فمن الممكن تماماً التواصل مع شخص لا تتفق معه تماماً؛ بل وتقديره أيضاً، وعندما تلتزم بالحيادية في الأمور التي لا تهم كثيراً، أو تتحدث باحترام عن خلافاتك، يمكن للطرفين التزام الهدوء والمضي قدماً برضى.

3. إظهار الرحمة:

يميل الناس في عالم اليوم إلى القلق والخوف والتشتت بشأن كلِّ شيء، وكلمة الرحمة تعني "أن نفهم شعور الطرف الآخر"، عندما تتمكن من وضع نفسك مكان الشخص الآخر، فإنَّك تمنحه المجال لاستجماع قواه، دون ممارسة أيِّ ضغط إضافي عليه، تذكَّر أنَّنا لا نعرف حقاً ما يحدث في حياة شخص ما؛ لذا عندما تتفاعل مع الآخرين في بيئات متوترة، كن داعماً من خلال التخلي عن التوقعات والأحكام والمطالب.

4. التسامح:

ينزعج الجميع ويفقدون أعصابهم أحياناً، ذكِّر نفسك بأنَّنا جميعاً متشابهون أكثر مما نحن مختلفون، عندما تجد نفسك تُصدِر حكماً، أضف كلمة "مثلي في بعض الأحيان" في نهاية الجملة، فمثلا:

  1. هذا الشخص متذمر مثلي في بعض الأحيان.
  2. إنَّه قليل الصبر مثلي تماماً في بعض الأحيان.
  3. إنَّها تتصرف بوقاحة مثلي في بعض الأحيان.

تغاضَ عن الأشياء البسيطة، ولا تحكم على الناس، اجعل حياتك بسيطة.

5. عدم أخذ سلوك الناس على محمل شخصي:

لقد قلتها من قبل وسأقولها مرة أخرى، إذا أخذت كلَّ شيء على محمل شخصي، فسوف تشعر بالإهانة لبقية حياتك، ولا داعي لذلك، حتى عندما يبدو الأمر شخصياً، نادراً ما يفعل الناس أيَّ شيء بسببك، فهم يفعلون أشياء لأسبابهم الشخصية، وقد لا تكون قادراً على التحكم بكل الأشياء التي يقولها الناس ويفعلونها لك، لكن يمكنك أن تقرر عدم التقليل من شأنك.

لا تبالغ في رد فعلك وتغاضَ عن أخطاء الآخرين، فيوجد قدر هائل من الحرية تشعر به عندما تنأى بنفسك عن معتقدات الآخرين وسلوكاتهم؛ فالطريقة التي يعاملك بها الناس هي مشكلتهم، وكيف تتفاعل معها هي مشكلتك أنت، يتصرف الجميع بطريقة معينة بناءً على شعورهم، فبعض الناس لا يتعلمون أبداً كيفية التعامل بفاعلية مع مشاعرهم المجهدة؛ لذا عندما يتصرف شخص ببغض، من الضروري أن تظل هادئاً مهما حدث، ولا تسمح للآخرين بإزعاجك، وافعل ما يلزم للبقاء هادئاً ولمعالجة الموقف مع نفسك ومع الآخرين، وهنا تكمن أعظم قوتك.

6. تقليل الكلام وتعلُّم تقدير الصمت:

لا تدخل في جدال غير ضروري لمجرد أنَّك تشعر بعدم الارتياح في الصمت، ولا تقل أشياء ستندم عليها بعد خمس دقائق فقط من وقت التكلم؛ إذ يبدأ الغضب والإحباط داخلياً، وأنت تملك القدرة على اختيار ردك على الانزعاج اللحظي؛ لذا تنفس، فلحظة صمت في لحظة غضب يمكن أن تنقذك من مئة لحظة ندم، وغالباً ما تكون أكثر قوة وتأثيراً في الجدل عندما تكون صامتاً، لا يتوقع الآخرون الصمت أبداً؛ بل يتوقعون الصراخ والدفاع والهجوم؛ إنَّهم مستعدون للدفاع عن أنفسهم بتعليقات خبيثة معدة سابقاً، لكنَّ صمتك المدروس يفسد خططهم.

7. إنشاء طقوس صباحية لتبدأ يومك بداية صحيحة:

لا تتحقق من هاتفك أو بريدك الإلكتروني عندما تستيقظ؛ لا تضع نفسك في حالة ذهنية مرهقة وغير قادرة على التعامل بإيجابية مع سلبية الآخرين، وفر وقتاً ومساحة لطقوس صباحية مركزة وسلمية، مثلاً خذ عشرة أنفاس عميقة قبل النهوض من السرير، وقم ببعض تمرينات التمدد، ثم مارس التأمل لمدة عشر دقائق.

لكن ابدأ بخطوات صغيرة؛ مثلاً بثلاثة أنفاس عميقة وثلاث دقائق من التأمل في اليوم، وافعل هذا لمدة 30 يوماً، وبعد 30 يوماً، إذا أصبحت هذه الطقوس اليومية سهلة، أضف نفسين آخرين ودقيقتين أيضاً إلى طقوسك؛ فعندما تبدأ يومك بيقظة، فإنَّك تبدأ يومك بهدوء، بصرف النظر عما يحدث حولك.

شاهد بالفيديو: 6 نصائح حتى لاتجعل غضبك يسيطر عليك

8. المواجهة باستخدام الخيارات والبدائل الصحية:

عندما نواجه مواقف عصيبة، فإنَّنا غالباً ما نهدئ أنفسنا بخيارات غير صحية؛ مثل تناول الوجبات الخفيفة السكرية، والتدخين، وما إلى ذلك، فمن السهل الرد على الغضب بالغضب والمشتتات غير الصحية؛ لذا لاحظ كيف تتعامل مع التوتر، استبدل عادات التأقلم السيئة بعادات التأقلم الصحية؛ تمشَّ في مساحة خضراء أو اشرب كوباً من مشروبك المفضَّل واجلس بهدوء مع أفكارك أو استمع إلى بعض الموسيقى الممتعة أو اكتب في دفتر يومياتك أو تحدث مع صديق مقرب؛ فعادات التأقلم الصحية تجعل الناس سعداء.

إقرأ أيضاً: 7 طرق فعّالة للتخلّص من مشاعر الغضب

9. تذكير نفسك بما هو صحيح:

يساعدك التفكير الإيجابي على تجاوز السلبية حولك؛ ففي نهاية اليوم، فكِّر في إنجازاتك اليومية الصغيرة وكلِّ الأشياء الصغيرة التي سارت على ما يرام، فكِّر فقط في ثلاثة أحداث صغيرة حدثت خلال اليوم ولا شك أنَّك ممتن لها، مثلاً:

  1. عدت أنا وعائلتي إلى المنزل بأمان من العمل والمدرسة اليوم.
  2. ضحكت أنا وزوجي.
  3. لدينا طعام كافي.

دع إيجابيتك تمكِّنك من التفكير بلطف في الآخرين، والتحدث بلطف مع الآخرين، والقيام بأشياء لطيفة للآخرين، اللطف دائماً يُحدِث فرقاً؛ لذا حقق النتائج التي قد يكون الآخرون ممتنين لها في نهاية يومهم، وكن جزءاً أكبر مما هو صحيح في هذا العالم.

إقرأ أيضاً: كيف يتعامل الأشخاص الناجحون مع الغضب؟

في الختام:

الضرر الأساسي الذي يمكن أن نلحقه بالطبيعة البشرية ككل، هو أن نظل جاهلين من خلال عدم امتلاك الوعي والشجاعة للنظر إلى أنفسنا والآخرين بصدق ورفق.




مقالات مرتبطة